يقول الأستاذ جاسم المطوع :
روى مسلم عن جورية رضي الله عنها أنها قالت : أتى علي رسول صلى عليه وسلم وانا اسبح غدوة , ثم انطلق لحاجته , ثم رجع قريبا من نصف النهار وأنا أسبح , فقال “ما زلت قاعدة “؟ قلت نعم .. فقال ” الا أعلمك كلمات , لو عدلت بهن , أو لو وزن بهن , وزنتهن , يعني جميع ما سبحت به , وهو سبحان الله عدد خلقه , ثلاث مرات , سبحان اله زنة عرشه , ثلاث مرات , سبحان الله رضاء نفسه , ثلالث مرات , سبحان الله مداد كلماته , ثلاث مرات “.
وكذلك حديث اخر يدل على حرصها على الصيام , فقد دخل النبي صل الله عليه وسلم عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : أصمت أمس ؟
قالت :لا
قال :تريدين أن صومي غدا ؟
قالت لا
قال : فأفطري رواه البخاري
وانني اكتفي بذكر الروايتين , وان كان في السنة روايات كثيرة تدل على تدين أم المؤمنين جويرية , بل ان المتأمل في السيرة يستغرب من قصة اسلام والدها عندما سمع بأن ابنته جويرية وقعت بيد النبي صل الله عليه وسلم , فجهز الابل وانطلق بها الى النبي صل الله عليه وسلم وانطلق بها الى النبي ليفدي ابنته بها , وفي طريقه الى النبي نظر الى الابل فاعجبه بعيران منها , فخبأها في شعب من شعب “وادي العقيق “.
ثم دخل على النبي صل الله عليه وسلم فقال :
لقد أصاب المؤمنون ابنتي وجئت في فدائها بهذه .
فقال النبي :فأين البعيرات اللذان خبأتهما في وادي العقيق ؟
فقال الحارث :”أشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله , فوالله ما أطلع على ذلك أحد الا الله ” وأسلم بنان له , ثم أسلم قومه .
فحرص جويرية رضي الله عنها على الاسلام والتدين وحب الله تعالى وكثرة العبادة لم يأت من فراغ , بل ان والدها كان كذلك , فكم اثرت قصة اسلامه في مجتمعه .
كما ان حب التدين لم يكن مقصورا على امنا جورية فقط , بل وكذلك باقي امهات المؤمنين على التقوى والتدين والتقرب الى الله , وذلك لم يأت من فراغ , بل لانهن تتلمذن على يد النبي محمد .
تروي عائشة رضي الله عنها ” كان النبي صل الله عليه وسلم اذا دخل العشر شد مئزره واحيا ليله وايقظ اهله ”
وفي رواية اخرى عن سلمة رضي الله عنها تقول ” استيقظ رسول الله صل الله عليه وسلم ليلة فزعا يقول سبحان الله , ماذا انزل الله من الخزائن ؟ وماذا أنزل من الفتن ؟ من يوقظ صواحب الحجرات “يعني زوجاته ” حتى يصلين ؟ رب كاسية في الدنيا عارية في الاخرة “.
فهكذا كان النبي محمد مع زوجاته يحببهن في الدين ويعينهن على العبادة , ويساعدهن على الطاعة والتقرب الى الله تعالى .
وكان هدي النبي مع اصحابه كذلك , وقد فسر بعض المعاني الدنيوية والمعروفة عند الناس بمعان اخروية , ففي حديث ثوبان رضي الله عنه ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا رسول الله , اي المال نتخذ ؟
قال :” ليتخذ احدكم قلبا شاكرا , ولسانا ذاكرا , وزوجة مؤمنة , تعين أحدكم على أمر الأخرة “.